الحي المالي في شنغهاي (أرشيف)
الحي المالي في شنغهاي (أرشيف)
الثلاثاء 30 أبريل 2024 / 20:53

الصين تستعد لاستخدام الخيار النووي الاقتصادي

تمثل الحرب الاقتصادية، أحد أبرز الصراعات الدائرة بين الغرب والصين، حيث يدرك كل طرف أهميتها، وفقاً لتقرير لميكا مكارتني في مجلة "نيوزويك" الأمريكية، الذي تناول ما يقول، إنها مساع صينية للسيطرة على العديد من السلع الأساسية عالمياً.

ووفق الكاتب، تشتري الصين السلع الأساسية بوتيرة سريعة، ما دفع المحللين إلى التساؤل عن استعداد بكين لاعتماد"الخيار النووي" الاقتصادي.
وتنقل المجلة عن أندرياس ستينو لارسن، المدير التنفيذي لشركة ستينو ريسيرش "تستعد الصين لشيء كبير، ويبدو هذا واضحاً بشكل متزايد في ظل محاولات تخزين الموارد المهمة، فهل يمكن أنهم يستعدون لخفض كبير لقيمة اليوان الصيني مرة واحدة؟".

الخيار النووي

يوصف خفض قيمة العملة على نطاق واسع بـ "خيار نووي" من الاقتصاديين بسبب التداعيات العالمية الخطيرة التي يمكن أن يؤدي إليها.
وعلى سبيل المثال، بخفض قيمة اليوان عمداً، يمكن للصين أن تعزز صادراتها بأن جعل سلعها أرخص وأكثر قدرة على المنافسة، ولكن ليس دون تداعيات خطيرة مثل إثارة غضب الشركاء التجاريين، وتفاقم الحرب التجارية التي تخوضها ضد الولايات المتحدة.
ويقول التقرير، إن تجميع الموارد مثل الذهب والنفط مسبقاً يمكن أن يوفر بعض الأمن المالي والقدرة على المساومة، ما يساعد على استقرار الاقتصاد ضد الآثار السلبية المحتملة لخفض العملة، مثل زيادة تكاليف الواردات والتضخم.
وواصل البنك المركزي الصيني مشترياته من الذهب في مارس (آذار)، ما عزز احتياطاته من المعدن للشهر الـ17 على التوالي،  رغم ارتفاع سعر المعدن بشكل قياسي، وضعف اليوان.
وعزا الاقتصاديون ذلك إلى جهود الصين للتنويع بعيداً عن الأصول بالدولار وسط التوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة، وبعد  الضربة الاقتصادية التي تلقتها روسيا بعد الحرب في أوكرانيا التي اندلعت في 2022.
ويمتد التراكم المستمر للمواد الخام في الصين إلى النفط الخام. 

وباعتبارها أكبر مستورد للموارد، سجلت البلاد رقماً قياسياً بشراء 11.3 مليون برميل يومياً في العام الماضي، وفقاً لسلطات الجمارك، بزيادة  10% عن 2022.
ومع ذلك، يجدر ذكر أن هذا الارتفاع رافق ارتفاع الطلب على الوقود بعد نهاية العام، بعد رفع القيود الصارمة التي فرضتها الصين أثناء الوباء.

الشراكة مع روسيا

يذكر التقرير، أن الصين استفادت من شراكتها "غير المحدودة" مع روسيا، التي حلت العام الماضي محل السعودية أكبر مصدر للنفط للصين، لتأمين تدفق موثوق ومخفض للطاقة مع المساعدة في دعم اقتصاد الحرب المعزول في موسكو.
وقد يكون خفض العملة مغرياً للصين، أكبر مصدر في العالم، في حين تسعى إلى توسيع بصمتها الصناعية في الأسواق الدولية لسلعها وسط الانكماش وضعف الطلب الاستهلاكي محلياً.
لكن المؤكد أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تفاقم التوترات مع واشنطن والشركاء التجاريين الرئيسيين الآخرين، حسب"نيوزويك".
وتواجه الصناعات الصينية بالفعل اتهامات بإغراق الأسواق بصادرات منخفضة الكلفة مثل الصلب والمواد الكيميائية، ما دفع إلى فتح تحقيقات.
وتدرس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالفعل فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية.
وقال كريغ شابيرو، مستشار الاقتصاد الكلي لمجلة "نيوزويك": "لا أعتقد أن الصين تستعد لخفض عملتها مقابل الدولار، لكني أعتقد أنها تواصل شراء الموارد السلعية، التي يمكنها شراؤها بالرنمينبي، اليوان الصيني، من المنتجين الخاضعين للعقوبات مثل روسيا وإيران".

وأكد شابيرو، أن سبب فورة شراء السلع الأساسية في الصين  في المقام الأول "قدرة الصين على شراء السلع بالرنمينبي وتسوية الأرصدة التجارية الزائدة بالذهب، مع دول مثل روسيا وأعضاء أوبك، تشير إلى أن الذهب يشتري سلعاً أكثر في الصين مما يشتريه في الغرب".

تداعيات دولة

ويضيف "لكن قد يكون هناك تفسيراً  آخر أكثر خطورة لمخزون الصين من الموارد، إذ ربما تستعد بكين لمواجهة التداعيات الدولية التي قد تنجم عن غزو تايوان".
وقال الرئيس السابق لمكتب الاستخبارات البحرية مايكل ستوديمان: "يبدو أن شي، درس قواعد العقوبات التي استخدمها الغرب ضد روسيا بسبب أوكرانيا، ثم بدأ بعد ذلك إجراءات وقائية طويلة الأمد، لسد أبواب الاقتصاد الصيني لمقاومة ضغوط مماثلة". 

وذكر ستودمان، أن الصين تتحرك أيضاً لخفيف تعرضها لحظر  الغذاء والطاقة، ببناء احتياطاتها الاستراتيجية من النفط وبناء "محطات تعمل بالفحم بحماس متجدد".
وأضاف "من المرجح أن الرئيس الصيني شي جين بينغ يعرف أن محاولة استيعاب تايوان ستؤدي إلى مقاومة عالمية أكثر ضراوة وتداعيات أشد قسوة ،من المرجح أن تستمر لسنوات، وهو ينوي إعداد الصين لتحملها"، مقارناً رد الفعل العالمي مع حملة القمع الصينية. في هونغ كونغ مع ما يمكن أن يحدث إذا هاجمت بكين تايوان. 

وحسب "نيوزويك" تدّعي الصين، أن تايوان جزء أراضيها، رغم أن الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في بكين، لم يحكم هناك قط.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون، أن شي أصدر تعليماته للقوات الصينية بالاستعداد لغزو الجزيرة بحلول 2027، عرغم انقسام الرأي في واشنطن على حقيقة التهديد.